الثلاثاء، 1 سبتمبر 2009

وادي العودة

وادي العودة / اضغط على الصورة



في سفوح الأودية وأوعارها اسلك طريقا متعرجا بين الغابات وألسنة الصخور المطلة على القرار المخيف للوادي ..قطفت بعض وريقات تفاح الشاي الناشف ،وسحقتها بإبهامي .. على كبد كفي لأشمها بعمق ..استطعمت النبتة ممزوجة بتضوع رائحة (جمة فتاه ) .. استلقيت متفيأ شجرة العرعر .. نهضت وتحولت من مكاني واعتليت حجرا يقرب حافة الهواء .. أقابل السفح البعيد المواجه .. على قمم الصخور والجدران الناتئة يقف حمام النيسى .. يفرك ارياشه بمناقيره ينفش ويفرد بجناحيه . صفقت تتطاير في أجواء الوادي .. أثرت الشمس في الوادي . . أسكرتنا حرارة القيلولة . . أزيز الجنادب يئز في أذني . . صيحات الرعاة المتقطعة تصدر خلف قطعان الماعز المنتشرة في السفوح . . رجل يمر بمجلسي يلقي التحية . . نزع شنته الحمرا ء. . مسح بكفه ناصيته حتى قفا رأسه . . غمد شنته المذبولة المتشبعة بأشعة الشمس متفللة الحواف وبها لحقت الترسبات اللزجة للعرق أنسحب وشرع في تقذيرته :
(تهايا ولها واسمرت ......... العين وين ما لاج نومها )
إما أنا فأتشمم بيئة الإنسان الأول . . اشهق وأزفر الصفاء . . وفؤادي يجول عبر النسيم المطلق . . أثر قدم إنسان ضخم محفور على أرضية الصخر يتجه شرقا. .
تقدمت قليلا للترول متشبثا بالأيدي والأرجل مع الممر الصخري القصير . . ينتهي عند مغارة ضيقة يدفعني الفضول نحوها لإلقاء نظرة قوية بداخلها صوب أرنب وإوزات قبل التاريخ رافعة أعناقها إلي السماء .. تراجعت وتسلقت من جديد مواصلآ السير لأسلك منحدرا سفليا بخطوات متشنجة خشية الانزلاق . . وصلت الكهف وفي سقف المدخل معلقة صغيرة . . مساحته الأمامية مائلة . . تكثر ألواح وجذوع الهندي . الكهف غائر مظلم ومملوء بسيل من الرماد . . أدنى حركة تثير الرماد .. انه أثر لحريق مرابض الماعز المتراكمة في ليالي عبثرة الشتاء . . الضوء يزول طرب الصراصير تستقبل ليلا قصيرا . . عوى الذئب عواء الشجن . . استنشقت هواء نقيا ورفعت عقيرتي بصرخة مدوية استجاب لها الوادي بنقمة باردة . . طائر الليل يتراقص في الفضاء . . . انسحبت عائدا ازداد الشبرو تكاثفا ونشرا ليلج أنوفنا برحيقه النفاذ. . أمرق صاعدا من طريق أقصر وخانق ومدلهم يعج بالشجر .. خطواتي متأنية متوترة . . أندس وأمدد يدي . . أتحاشى العثرات وصفعات الغصون الحارقة . . بلغت السهل . . العرق يتفصد ويلسع . . اضطجع للراحة . . وليبدأ الإحباط يبدد سعادة لا نظير لها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق