الثلاثاء، 1 سبتمبر 2009

ذئب

اضغط على الصورة

وجوه ذئاب في خلاء وشجر وشجيرات وهواء نقي وأصوات براري وعشب طري وأطعمة طازجة معقمة هكذا قال الذئب .
سئل الذئب عن وجوده في الخلاء وحيداً فأجاب الذئب ليس هناك ماهو أفضل من الحرية
وقال الذئب أنجبتني أمي الضباحة في هذا الوطن في مغارة هانئة خالية من البراغيث وفي يوم من أيام البراري وأنا أمام المغارة أنتظر وأرقب عودة الأم وملاقاتها فبهز علينا صياد سانحا سياحة الأم وراء الرزق فسبقني وحال بيني و بين مدخل المغارة وأبعدني عن اللجوء إلى المغارة فجفلت إلى النواحي الأخرى للنجاة إلا إنه لاحقني حتى عجزت عجزا كاملا عن مواصلة الجري .
غمرني بفوهة شوال ودفعني إلى داخله وأغلق فم الشوال وحملني مجبرا وهو يقول يندم ندما شديدا من يربي جرو ذئب ويصادقه .
اطمأننت لسماعي هذه المقولة . متفائلا بالرجوع إلى أمي الضباحة ووطني وحياة الذئاب في يوم ما .
أسقطني وسط مكان حواجزه متينة مع جراء كلب رائحتها كريهة حمقاء تمذرح تبصبص تتذلل من أجل طعامها وشرابها .
جراء الكلب تتقلب على ظهورها في ضوء الربيع ..أنا أرتكن وحيدا ممدود العنق وأنفي بين ذراعي الباسطتين أرقب المحيط .
جراء الكلب تهز ذيولها تسابق الريح لتأكل ..أنا أتأخر ولا أهز ذيلي .
جراء الكلب تفرغ من الطعام متأخرة ..أنا أذهب مبكرا عن الطعام
جراء الكلب لا تستأنس إلا مجتمعة ..أنا لا أستأنس إلا بمفردي وحيدا .
وفي ساعات الليل ترفع جراء الكلب زقراتها وأصواتها المزعجة ..أنا أعزف بصراخ وعواءات حزينة مخالفة لكل الأصوات الأخرى .
يزداد جمال الخلاء بضوء القمر الجليدي وبذئاب تسرح لا بكلاب تنبح .
الكلاب تتواجد في الأماكن الخطرة أما الذئاب دائما في الأماكن الآمنة .
خلوات الغابة بلا ذئب خلوات ناقصة والذئب بلا غابة ذئب قبيح ممقوت .
الذئب يسعد وتزداد فرحته بزخ المطر وسطوع الشمس وقوس القزح في آن واحد باحثا عن رزقه .
الذئاب نسبوا لخطواتها في الأرض المحروثة لحن المزمار (مشية الذيب ف الحرث) .
الإنسان يغضب إذا نابزته بلقب كلب وإذا نابزته بلقب ذئب قد يتذمر لكنه لا يغضب
وللكلب فضول في التعرف على غرائب الأجسام أما نحن معشر الذئاب حذرين ونبالغ في الحرص الشديد .
لا قدرة للكلب على إيجاد مأكولات تغني عن اللحم وأطعمة أخرى أما الذئب له بدائل أخرى من المنبوتات كعراجين زمباع شجر العرعار وعراجين الشماري .
ومن خصائص وجوه الذئاب الهدوء والذكاء والغش و الاختفاء واللياقة في افتراس الفريسة ويستأ سد إذا حوصر ويدافع بشراسة وقوة لا يهاب حيوان ولا إنسان .
والكلاب إذا حوصرت في أمكنة ضيقة فهي جبانة وتقذف من خوالفها سوائل وفوائح طاردة مسببة للغثيان .
قال الذئب كنت أملاء بصر الإنسان بمتعة النظر وأنا في ديار الصياد ومحميته أعيش مع الكلاب وكان الصياد بين وقت و أخر يطلق سراحي في أرض براح لا تحول بيني وبين وطني أي مانع لكنني مشبع بالزاد والملح لا أريد أن أتنكر هكذا بسرعة وأهرب .
قال الذئب أفرج عني الصياد لأنني لم ابتعد عن مكانه ومرافقة الكلاب والغنم وبدأت أميل للحياة البرية وأخفي نفسي أياما وأعود زائرا أغير على الحملان والجداء وكانت الكلاب تشاركني الفرائس وتشبع ولم تراعي الزاد والملح والأمانة مع صاحبها الصياد ولم تكن في مستوى الوفاء التي اشتهرت بها .
قال الذئب فطن الصياد للحملان والجداء المفقودة فخاف الصياد أن تتمرد الكلاب وتتعلم الافتراس وحمل بندقيته وشغل نفسه الأيام والليالي والمراقبة بنفسه لمطاردة الذئب القرين للكلاب والغائب الحاضر والحاضر الغائب .
قال الذئب في ليلة من الليالي أحس الصياد بوجودي وأنا بحوزة أرضه فأنزل البندقية من فوق كتفه وتأهب لملاحقتي يترصدني و أدركت أن زيارتي مرفوضة ويجب التحرز ولا أستأنس لمثل هذه الزيارات الخطرة وحاولت زيارة أخرى لأنال من حملان وجداء الصياد لكن هذه الزيارة باءت بالفشل فقد اتبعني الصياد بطلقة مخطئة قليلا لكنها جرحتني جرحا أليما ببندقية صيده إلا أني اجتزت صورا قصيرا ولم ابتعد عن الصور في مساحة شاسعة بل انعطفت انعطافا حادا محاذيا للصور هاربا مسرعا ليستغرق الصياد وقتا في اجتياز الصور والتصويب ليفشل في أن يصيبني إصابة قاضية مميتة واستطعت الفوت بمكان بعيد امن والدم ينزف بغزارة وبعد أيام قلائل شفيت وعوفيت .
قال الذئب لا أريد العودة إلى التطلع والنزال مع الصياد لأن مواجهة السلاح خسران للحياة وإنهائها ومناورة لا ربح فيها .
انضممت إلى وجوه الذئاب التي هي دمائي التي تجري في عروقي إنهم بني جلدتي وهم أهلي ووطني الفسيح والحرية والأرض وأن أكون ذئبا وأن لم أكن ذئبا أكلتني الكلاب .
يجب أن أيتم الحملان والجداء وأرمل العنزات والنعاج وأثكل أمهات الكباش والتيوس .
يجب أن لا أؤجل عمل خسيس يؤدي بهلاك الإنسان ويبعده عن الراحة والكسب وأجلب الأكل بكرامة وأكل بكرامة .
إن الإنسان والكلاب مشاكلهم كثيرة ولا خير فيهم ولا انتظر منهم السلام وأريد أن أكون قريبا من طيور البوم والضباع والثعالب والشفا شف وصراصير الليل .
لا سكون ولا اطمئنان ولا أمان إلا في ظلال الغابة وأمكنتها وأعرافها بعيدا عن قوانين البشر .
إن حياتنا في التدني وسببه إنسان اعتدى علينا في أوكارنا وأنهكنا الجوع والعطش من الجدران والأسلاك الشائكة وبقاياه وانحسرت الأرض من منبوتات الشجر والشجيرات من عبث هذا الإنسان وتهوره .
البشر يستمتعون بحياتنا المرهونة في أقفاص . ونحن لم نصل إلى أحد في مكانه ونمارس الخراب للضرر والضرار .. سالت النعجة الذئب وهي بين مخالبه أيها الذئب لماذا معشر الذئاب ذئاب على الدوام ؟ أجاب الذئب السبب أنكم نعاج على الدوام .
نشرت في موقع الاجدابي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق