الجمعة، 21 أغسطس 2009

الجبل الاخضر

وادي طرطقو / زاوية العرقوب الجبل الاخضر
اضغط على الصورة


بيئتي حياتي الجبل الأخضر بأوديته الخفيضة والعميقة وجبالها الشوامخ واو عارها وسهولها وكهوفها المعلقة وكهوفها الأرضية ومغاراتها والعرعار السائد في الغابة ويليه الزيتون والخروب والبلوط ومن أشهر الشجيرات البطوم والشماري والسخاب والزهيرا والبربش الأسمر والأبيض والإكليل وتفاح الشاي والقندول والسلوف الشائك وإعشابها المتنوعة وألوان الزهور الجميلة في موسم الربيع ومدن ومنحوتات وجدران وحصون وقلاع قديمة وعيون الماء وآبارها ودوابها الأليفة وأحياءها البرية من الذئاب والضباع والثعالب وصيود الليل (الشيهم) والقنافذ والشفاشف (النمس ) وثعابين من هوام وهواش وخلود الأرض وسلاحف وأنواع السحالي وجوارح الطير ومن غير الجوارح ومشاهير الطيور المستوطنة الحجل وحمام النيسي الذي يسكن الكهوف ومن أشهر وديانها وادي الكوف أو وادي الجريب ووادي درنة التي ينبع منها الشلال وكهف هوى افطيح شرقي أبولونيا وهو من اكبر الكهوف في الشمال الأفريقي ومساحة الجبل الأخضر حوالي خمسمائة كيلو متر مربع وبها الاثارات الشهيرة مثل أبولونيا وقورينا وقصر اولبيا وطلميثة وأكثر الأماكن جذباً رأس الهلال وعين أبوللو بقورينا ووادي الكوف وشلال وادي درنة وبرك نوطه المنفصلة عن البحر على الشاطئ لا حدود لعمقها وهي تقع غربي سوسه وشرقي الحمامة الساحلية وفتحات واسعة ومخيفة في الأرض عميقة الغور مثل هوى احجري ببلخنه شرقي مدينة شحات وهوى هايتيني بقصر اولبيا وتنضج الخضروات في منخفضات سواحل الجبل الأخضر مبكراً قبل المرتفعات إن الجبل الأخضر تحترق منبوتاته وتتلوث على أيادي ساكنيه سواء المقيمين في المدن أو في البادية برمي القمامة في أي مكان في خلوات الغابة وعلى قوارع الطرقات العامة والطرقات الزراعية بلا استحياء ووباء أكياس البلاستك تنشرها الرياح في كل مكان لتلتهما الدواب السارحة والتي هي زادها اليومي تقريباً ومصارف المدن الصحية القاتلة تفيض في الوديان التي يصعب معالجتها ملحقة بقاذوراتها السامة مراتع الدواب ومنابع المياه أنها مأساة وكارثة مهلكة لم يصادفني احد من أبناء هذا الجبل انشغل باله من اجل هذه البيئة التي عليها نستنشق الهواء ونأكل لحوم دوابها من الضان والماعز والبقر والإبل ونتناول من حصادها الخضروات والفواكه والحبوب التي أمرضتنا وإذا أحسسنا بمرض استفحل في أبداننا نلوم الدهر أيها الناس ونصفق أيدينا ونمضغ كلمات شهيرة مستهلكة قائلين ( الوقت تغير ) وجنبات الطرق المملوءة بالأكياس المحرجة أمام الغرباء والغرباء بدل من يكونوا منبهرين بالمرئيات الخلابة لجبلنا يتذمروا ويشمئزوا وياأهالي الجبل الأخضر إن المنبوتات أمانة في أعناقنا فاتركوا الأرض والطبيعة لبارئها وخالقها ارحموا الأرض ومنبوتاتها فلا ضير عليها من الخالق المصور والرحيم الشافي لا تضربوا جدران شائكة حول المساحات الكبيرة من الأراضي وكأن هذه الأرض مخصوصة لقبيلة أو لأقوام إن الجبل يعاني ضرر قاذورات الزرده ( سواح ) البلدان المجاورة والبعيدة من مدينة بنغازي مثلاً من بعض أدعياء الحضارة إلي ارض الجبل الأخضر في مناسبات العيد وأيام العطل عابثين بالأمكنة والشجر ويعودون تاركين فضلاتهم أو زبالاتهم المسمومة مرمية بلا حرج ويعاني الجبل ضرر أهله البوادي المستمسكين بباديتهم إنهم بلاء ومصيبة هم ايضاً يدمرون بيئتنا ولا ندري ومن يتقول ويزايد علينا بوطنية الجبل الأخضر ورنين الكلمات في رؤوسنا ولا وجود لها ألا في مرجعيات ومفردات القبلية المتخلفة التي تخول لنفسها بنفسها السيطرة على إقليم الجبل الأخضر وليتهم حالوا بين ارض الجبل وبين الأذى المخيف الذي يحرق الأخضر واليابس والجبل الأخضر كان يغذي أهالينا بالزاد ولدوابهم الحشاش والخشاش ونلجأ إليه من الشموس الحارقة في الصيف ونحتمي فيها إذا أصابنا صقيع الشتاء ومنها نوقد الحطب لاتقاء برده وغابة الجبل هي حياتنا وحياة مواشينا وجمال الأرض وزخرفتها ومن خامتها صنعنا أدوات البيوت والقصاع والقداح والملاعق وأدوات الحرث وأدوات الفلاحة ومقتنيات الإبل والخيل وبكرات الصعود والهبوط للكهوف المعلقة إن منبوتات الغابة هي سر من أسرار الوجود لحياتنا وكما ثبت علمياً أن الأشجار الخضراء تمتص ثاني أكسيد الكربون لتعطي الأكسجين الذي هو مصدر حياتنا ومع هذا نتطاول على كل شئ ونتمادى في التدمير والخراب المتعمد وأنواع من المنبوتات انقرضت ومنبوتات أخرى في طريقها ألي الانقراض والجبل الأخضر كان بمثابة النظام اللوجستي في إمداد منبوتاته البرية بالغذاء للمقاومين أيام الاحتلال الايطالي وحتى أيام دولة الإتاوات العثمانية ومعقلاً ووكراً لهم والجبل جميل ولطيف ففي موسم الربيع يحفل بالأزاهير الحمراء والصفراء والبنفسجية ونستمتع بالبقوليات البرية ويسري الجذل في المخلوقات من حيوان يحفر وكراً وطير يبني وينسج عشاً وزواحف تطمر بيوضها وحشرات تنشغل بأقواتها وممالكها وتنشط أصوات الصراصير الليلية وعواء الذئاب وغارات الضباع ونواح البوم وحتى الإنسان لربما تتحرك بواطنه وتتهيج وتتململ أعماقه ومشاعره لبناء قصة أو قوافي الشعر وبعدها يأتي صيف حار وفي الغابة لا صوت يعلوا على أزيز الجنادب وفي الخريف يفوح الخروب بالشبرو والقدور المغلية بروائح تعتصر سائل السكر من قرون الخروب السمراء والأجواء الكاسدة من معالم هذا الفصل الكئيب لانتظار أول خبطات مطر الشتاء وتسيل السيول وتتجاوب الوديان للرعود المزلزلة ونتشمم أنسام الحرث وجني وقطاف القمحي(عش الغراب) والحقيقة إننا نعيش حياة عبثية ومن غرائب الزمن وعجائبه أن الأشخاص المسئولين التي خولت لهم الدولة الذود عن بيئتنا وتوافرت لهم الإمكانات لا يتألمون ابداً ولا يعيرون أي اهتمام للمصير المؤكد الذي ينتظر الجبل الأخضر ويريد حماية حقيقية .
نشرت في موقع السلفيوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق