الجمعة، 11 سبتمبر 2009

الحصان غلب السايس



الجواد الليبي متناسق ممشوق صلب والصدر عريض والرقبة مقوسه كث العرف وذيله ينزل بغزاره حتى الحوافر وصهيله صافي مثل صوت الناقوس همهمته مخيفه كهرير السباع وسريع وقوي لا يهاب مكابر في سيره وخطواته الهادئة ألوانه السائدة الأحمر المجبر بالسواد والخضر (( الرمادي )) والاربد (( الأسود )) والأشقر . والجواد الليبي استقل بصفات على سائر الجياد في العالم بشواهد مؤرخين أجانب غير العرب .. نعم المؤرخين العرب المجاورين لتاريخ ليبيا لم يتحدثوا كما تحدث غيرهم و الجواد الليبي يتزين به صاحبه ويجر له المحراث والعربة وبحوافره يستخرج له الحب من سنبله أيام الحرور اللافحة والجواد الليبي ذكره الشاعر الإغريقي في ملحمته وفنان الصحراء بريشته نقش صورة الجواد وهو يجر العربات على جدران الكهوف الصحراوية والجواد استخدم في الماضي لإطفاء الحرائق ليس لجلب الماء بل ألانطلاقه السريعة ذهاب وإياب أمام اللسنة النيران لإثارة الغبار وخلق حاجز عريض بحوافره لتحول بين النار والنباتات القابلة للاشتعال .
ومن علامات الجواد الاصيله أن يقاس بدنه بالشبر من رأس عصاة الذيل حتى الحارك ومن الحارك حتى الشفة فإذا كانت المقدمة من حاركه حتى شفته أطول من مؤخرته أي من حاركه حتى رأس الذيل فهو أجود الجياد وإذا تساوت المقدمة مع المؤخرة أو ألمؤخره أطول من المقدمة ففي كلتا الحالتين فهو اقل جوده .
ويتميز ببروز العين وأذنيه حاضرة مستدقة الزوايا العليا ، رقيقة وتنكسر أذنيه بحضور أو سماع صاحبه وفارسه وأنه لا يتخلى عنه إذا وقع فارسه فيهرب بل يظل عالقا به مستجيبا لأوامره .

وكان أهل الخيل والمهتمين يتخيرون ويحذرون من اختلاط الأنساب وكان إذا أشكلت عليهم معرفة الخيول الأصيلة يقدمون الماء بموضع سفلي جدا وهو حوض مملوء وحوافه على قدر منسوب وجه الأرض لفرز الجياد الأصيلة من الخيول الغير الأصيلة فإذا الجواد تقدم منخفض الرأس للشرب منثني إحدى أطرافه فهو غير أصيل وإذا لم تنثني إحدى الأطراف وهو يشرب فهذا يعني أصالته لطول الرقبة .

والمفضلة في الجواد تضخم العراقيب الخلفية وميلها إلي الخارج أثناء المشي ارتفاع الحارك وتعرضه مريح للفارس على صهوته ( اسند حارك . . اقبج عرقوب ) الجلد اللين الناعم ورعشة الجواد أثناء القبض من جلده بملء اليد من جنبه عند المرفق علامة داله على لياقته وسرعته وإذا لم يرتعش , بارد أي قليل النشاط .
الدوح العريض وهي عظمة الصدر المذبح الخفيف . والإطراف الدقيقة جميله في الجياد الحمر وكلما تغلظت في الجياد الخضر " الرمادية " أجمل . والحافر القرمد " المدور " أفضل واسود صم . غزارة العرف والناصية والذنب . والقين القصير وقصرة القين أي منطقة الرسغ متانة واكل للمسافات الطويلة وإذا استطال القين فهي سرعة ولكنه لا يستطيع مقاومة المسافات الطويلة . والمفضل أيضا في الجياد العنق الضخم والمنتصب والصهلة الصافية القوية وبياض باطن الشفة العليا .
عاب سياس ومتفرجين حصان لرداءة جريه في السباق والاستعراض وفي يوم ما امتطاه صاحبه برفقة فرسان على متون الجياد يطاردون فرس طليقه شريدة أزعجت سكان الريف فلم يستطيع أي منهم أن يبلغ حتى ولو لأقرب مسافة من ذلك الفرس الشاردة وبدا الفارس صاحب الجواد الردئ السرعة يلذعه بالركاب والسوط وأطلق عنانه فكان أسرع ما يكون وفات رفاقه المذهولين من سرعة الجواد صوب الفرس إلي أن امسك بها ومن هنا انقلبت موازين السياس وآراءهم في هذا الجواد .
سايس أرغم ولده الفارس أن يبيع جواده بالقوة وسئل عن السبب فأجاب بأغلظ الإيمان يستحيل على الجياد التسابق أمام هذا الجواد وان تتفوقه في الجمال ألا انه أشكل " شئوم " فاشتراه فارس أخر وسرعان ما تعملق ذلك الفارس وارتفعت جودة الجواد في المنطقة بأسرها وبلغت شهرته كل المناطق القريبة والبعيدة وما قيل عن الجواد كان هو القول أصيب صاحبه بعدة بلوات وتشائم الجواد على نفسه أخيرا فمرض ونفق وهو في أوج عنفوان العمر والقوة . وفي نهاية هذا الموضوع لا نجد قول أفضل من مقالة السياس والفرسان في ليبيا عند اختتامهم الكلام عن الخيول ألا كلمات ( الحصان غلب السايس ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق