الجمعة، 11 سبتمبر 2009

غناوة العلم




أريد ان أدلي برأي المتواضع مع من أدلوا باًرائهم في معنى غناوة العلم والتحليل مع الاساتذه المحترمين الباحثين في التراث ولكل منهم وجهة نظره وتحليله الخاص ونحترم أرائهم وتحليلاتهم ولمعرفة المعنى يتحتم علينا ان نعرف الظروف والمكان الجغرافي والمجتمع التي ولد فيه غناوة العلم وترعرع لنقترب من المعنى حسب وجهة نظرنا.
ان غناوة العلم اختص به مجتمع الجزء الشرقي من ليبيا والتي مركزها منطقة الجبل الأخضر ففي تأليف كلماتها ألموجزه وأداءها وبداية إلقاءها من أواخر الكلمات القليلة والتي ان لم تكن ست كلمات أو سبعة فلا تتجاوز الثمانية ثم العودة إلي بداية الكلمات وأوسطها حتى أخرها من جديد والي الآن لم نصادف مجتمع أخر أو نقراً ونسمع عنه ولماذا في هذه الأرض ومجتمعها فقط . فكل الأدلة تشير إلي الخصوصية ولم يكن مستورداً ولماذا استكثر البعض هذه الاستقلالية لخاصية إبداعية على هذا المجتمع .
والمجتمع في حقب سابقة طبيعته قاسية ورعوي متنقل فكان الشاب الراعي يتحين فرصة اللقاء مع حبيبته وهي تجلب الماء أو الحطب واللقاء بين الاثنين شبه مخاطره وكانت المناداة لكل منهم للأخر والمحادثة هادئة وربما مهامسة بكلمات ملغزة تنطوي على أحاديث العشق من عتابات وعذابات وايوهات ووعيد بزواج وعلى سبيل المثال في ابتداء التحية سلامك أوصل وعقلك احصل والحيطة اللي وراك فيش أتعل . أو فوق معطن ماء .. شرابنا حليب واللي يشربه أيشيب . إلي أخره من مقاطع وألوان كثيرة من المناظرات بين طرفين عاشقين تحت مسميات (( صوب خليل )) وإذا فطن المجتمع بهذين الاثنين العاشق ومعشوقتة خصوصاً أهل الفتاة وأقاربها فيفرض عليهم التفرق وقد لا يتزوجان أو لا يتزوجان أصلا فلا يلتقيان والشاب تقطعت به أسباب التواصل واللقاء هائماً على وجهه في ارض ذات جبال ووديان وبطون وأشجار وشجيرات ومنعطفات وحلوق وسهول فهي حواجز تمنع عنه الروءيا ومحادثة الإشارات ومجتمع مريب غير لين وفي وسط هذه الظروف الجغرافية والاجتماعية لا سبيل إلي التواصل فلجاً إلي رفع العقيرة بكلمات معبره ومن هنا تقريباً معنى غناوة العلم أي لتعلمي ياحبيبتي إنني حيران جضران أي الملل من الوحدة والشوق إليك ... ولتعلمي يامعشوقتي إنني أتوجع من البعاد ... ولتعلمي ياحبيبتي إنني اتاًلم وضربني العشق في سواد وحبة القلب ... ولتعلمي ياجارة الشعاب إنني مصاب بالداء المشهور . ولم يستطع إخفاء هذا الداء وهذا السر وبذلك يعلن ويظهر ما في بطانته من الألم ومن هذه المعاناة يبتكر العاشق كلمات يتواصل من خلالها مع حبيبته ولزاماً عليه رفع الصوت مزين بأنغام صدى الوديان والأداء جيد فقد اكتمل النصاب لغناوة العلم ان الظرف المناخي للمكان والمجتمع تقريباً ساهمت إسهاما كبيراً في نشوء غناوة العلم خصوصاً في رقعة الجبل الأخضر ولو كانت الأرض منبسطة منحسرة مثلاً يتبدد صوت ألغناي في هذه الأرض المستوية المنحسرة فالطرف المقصود لا يصل إليه الصوت أو يصل إليه صوت متقطع أو كلمات تتبعثر إيقاعاتها فلا تستوي مفاهيمها وتقذفها الرياح سريعاً . أما في الأرض الجبلية ينحصر الصوت مع صدى جميل فلا يتشتت ويؤدي غرضه المقصود من محب مليوع أو ملتاع فهو مناخ اضطراري ألزم العاشق ان ينحوا هذا المنحى واجبر العاشقة ان تتوارى لتسمع فقط وتعاني . أما تاريخ المولد لغناوة العلم لم يصل احد إلي أدلة قانعة لكن وجودها قديم فمن خلال قراءتنا لكتاب ترحــــــــــال في الصحراء ص 290 تعريب د/ الهادي بولقمة للرحال جيمس ريتشارد سن في الصحراء الليبية وهذه اللقطة تحديداً بين غدامس وغات عام 1845 – 1846 م قائلاً (( لم تكن المجموعة في حال يسمح لهم بالانشراح فقد كان الحديث بينهم عند حده الأدنى وقد تمر ساعات وسط سكون لا تسمع فيه حتى الهمس الخافت أو وقع خطوات الإبل البطيئة أو حين ينطلق صوت احدهم مردداً مقاطع من أغنية تذكره ببيته وأهله في منطقة الجبل الأخضر )) . فنستخلص من وصف الرحال للأغنية مقاطع وليست أغنية مسترسلة والمغني من الجبل الأخضر فهي ملامح لأغنية العلم ورجل غناي علم . وكذلك في كتاب الرحال جيمس هاملتون تعريب المبروك الصويعي بعنوان جولات في شمال إفريقيا عام 1853 م يقول هاملتون في ص 192 واصفاً الرحلة مع رفاق من نفس المنطقة (( وكانوا إثناء سيرهم في الرحلة يرددون أغانيهم طوال اليوم تقريباً ويقومون بذلك الواحد بعد الأخر وتقطع نفحاتهم من حين إلي أخر بتوجيه كلمات تحث الجمل على الإسراع قليلاً في سيره )) . ونستخلص أيضا ونستشف من كلام هاملتون الرحال بأنها أغاني علم وهم اثنان يتناوبون في الغناء وهي المشايلة أو يشايلوا. وكذلك الأستاذ داود حلاق في كتابة اوشاز الإسلاف عثر على ساق شجرة العرعار في كهف معلق منقوش عليها غناوة علم. وقصة ألتجريده وإحداثها بتاريخ 1670 م في كتاب تجريدة حبيب للكاتب صلاح جبريل وما دار بين حبيب والحداد لنعل الجواد صدراً أم قفلاً فبادر حبيب :-





بالصدر ما نقرضــــوك
وبالقفل نمشوا رضـــايا
أجعلك كي معطن العــد
اللي يجوك يمشوا روايا




فهذه أبيات شعر شعبي والشعر الشعبي أفراد لعائلة واحدة فمثلاً شعر قول أجواد وشعر الطق والمجر وده وشعرالشتاوه وشعرغناوة العلم وفي عرف الفن الشعبي الشتاوه بنت الغناوة فلا يعقل ان الأم احدث والابنة أقدم والشتاوه بيت شعري وان لم تكن غناوة العلم أقدم من كل هذه العائلة فهي فرد من أفرادها أو معاصره لهذه الأفراد .. ان غناوة العلم كان مستخدماً في مثل هذه الإغراض أما اليوم يرددونها بعض الموهوبين في المناسبات أو في ظروف للترويح والتسلية فقط ويستهويه بعض الشباب وينفر منه بعض . واشكر الكتاب الباحثين المجتهدين في الفنون الشعبية خصوصاً في غناوي العلم واشكر كل متتبعي هذا التراث الزاخر .
نشرت في صحيفة المأثور الشعبي

هناك 3 تعليقات:

  1. لا داعى للعنصرية الزائدة الى منطقة العرقوب

    ردحذف
  2. يل أخى أنت أنسان تدعى انك اديب فلماذا العنصرية الى بلد النشأة بهذا الشكل

    ردحذف
  3. انتو يالبوادي دايرين ارواحكم هل شعر وثقافه واصول وانتو للأسف لا شي

    ردحذف