الثلاثاء، 15 سبتمبر 2009

مـراعـينا









قالـــت الكاهنــة

((يا باتوس ...لقد جئت من اجل الصوت ولكن الرب..فيفوس أبو للون يرسلك إلي ليبيا موئل الأغنام لتؤسس مستعمرة ))










الرعي في الصيف



جبال ووديان شمس لافحه وحر ساخن متوهج نحتمي ببرودة شجر الخروب والزيتون وأطراف شجيرات البطوم ونروي ظماءنا من متعة الشرب من فم دلو منشول من بئر محفوظ الدرجة .نباتات أجهدها الحر فتفوح بروائح طيبه عند أخلاط الظلام ..والسراب وأزيز الجدا جد وصداها في كل أنحاء البرية وإلحان الصراصير تملأ الأماكن وأغاني الطيور وعواءات الذئب و ضبيح الثعالب ونباح الكلب ونعير وصياح الدواب وفي سواد الليل تتجانس الزر وع الناضجة و القصال مع الضوء الجليدي للقمر وخوار الثيران ولبلبة التيوس وراء الإناث .والحمام البري المهاجر الذي يحمل شامة جميلة في رقبته.




الرعي فـــي الخـريـف




تبدأ الكئابة في الأجواء والخلاء والذبول يسري في أنواع الغابة وقرون الخروب المتدلية وعراجين حب البطوم ورائحة غليان ثمار الخروب في البرام مقرونة بشميم الشبرو والحرث وتراقص أعناق ازاهير الفيطوط الطويلة منتشرة في البطون والسهول والجري (البراعم) في قمم غصون الشجر والشجيرات وغريد البوم فوق الأسوار الساكتة وأسراب النيسي تحط في الانواس والغيطان وفي الحقا ف ونتؤات الجدران الوعرة للبطون ومصادفة راعي في نشوته وإلحانه الغناوي العلم لإلقاء همومة وتبريد حرارة الشوق واز باد سوداء في زوايا فمه من تلوك البطوم اللذيذ والمناخ متنوع ويتراكم السقط في منابت الشجر.







الرعي فــي الـشتـاء




عقب أول مطره تتبدل الأرض و الأنفاس وتغتسل الغابة و سفسوف العشب وفطر القمحي يتطلع للنور والمطر يزيد بغزاره والبرد يشتد والوديان والبطون والسهول المنبسطة تستقبل الماء وتتجمع مند لفه في افواة الحلوق و تتوحل المسالك والدروب والبرق وهزيز الرعد وشليل القنوات وصوت الجليب للسيول وتكدس كراديس الماعز المسرع صوب الكهوف الدافئة العطنة وغيوم مظلمة ويتساءل الناس لحساب الليالي والمباركات وقرة العنز السائد ه في أيام الصقيع والرؤية الشهية لجمر ينبض بالوهج وأنت متيبس الأعضاء من البرد خامد الحركة .




الرعي فــي الـربيـع



تتجمل الأرض وأزهرا ر يفوق الوصف وتجود الضروع من الكلاء والمخيض فائض والكل يشبع وطيور تتغازل وتنسج العش بإتقان وجمال وحنين النحل يذب فوق أكياس الورد ونوبات الجنون للبقر رافعة الذيول في سرعة تستوجب الشفقة والرفق من اللسعات الطفيلية والغبطة في النفوس باستثناء النفوس النيئة المتعطلة الحواس ..الهداهد تطير بأجنحة مخضبة في هدوء وروية في نواحي الغابة وفي الأوقات الضائعة في أواخر الربيع وسكون مريح مغري لأن تتمدد وتنام نومة طويلة ..زغاريد الخلاء وانكسارات الخفافيش في ذلك المساء وكأنها علي موعد بقدوم السائح وذرات الطل تتنزل لتبريد وإنعاش النفوس المتوهجة ... والفزع من جماعة طائر الحجل بطيرانه المفاجئ المصفق بجناحيه المقرون بالصفير في ظلمة الغابة .
هذه الأرض التي ذكرناها سلفآ هي موطن الدواب ومرعاها في كل أوان وزمان وفي خلاءها تسرح بين شجر وشجيرات وعشب وتتماثل الغابة وأنواع الكلأ بالطرب أمام أنفاس شرهة تلتهم وترتع وإيقاعات مرسلة من مزامير وحناجر الرعاة وعذراوات خجولة تسترق السمع من فواهق البيت وفتي يظهر علي حافة البئر وفتاة تتبع حماراً يحمل براميل فارغة


من كتاب / اغنام وابقار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق