الأربعاء، 20 يناير 2010

ساكن الكهف المعلق


معلقة كهف العجوز / زاوية العرقوب









في زمن فائت استبد ضنك مؤلم بأرض الجبل الأخضر .. وقال رجل من رجالات الجبل سوف اصعد كهفاً علوياً معلقاً في جبل بين أعشاش الطيور ليعصمنا أنا وزوجتي وابني من مضرات الزمن الجائر فصنع أعمدة خشبية من معدن شجر العرعار لصلابتها وصنع بكرة من معدن شجرة خروب وفتل حبلاً طويلاً من شعر الماعز لاستخدامه مصعداً ليقيم في كهف معلق وكان طوال الوقت منشغل بهذا العمل المتواصل ليهيئ مقر حصين يتحصن فيه من أضرار كثيرة وأمر زوجته أن تلملم حاجياتها وتعد العدة وهو يوصى بذلك زوجته واستقر رأية على أحدى الكهوف وانتشل زوجته ثم الطفل ألي جوف كهف معلق وكل ما يلزم الإقامة والبقاء في الكهف المعلق ومدة البقاء مرهون بتضاؤل الجوع والجدب ورحيل أخر طاغوت عثماني عن الأرض والصراعات والحروب القبلية الذي يغذيها هذا الطاغوت الهمجي الجاثم على أكباد المجتمع .. أما أن نكون احراراً أو نموت ووجودنا في هذا الكهف نكون كالحمام والنسور .
موقع الكهف مقابل الشروق للشمس ومطلع القمر وأضواءه الجليدية ووسط نعيق البوم وعواء الذئب ونعيب الغراب وضبيح الثعالب وشخير الهداهد وصراصير الليل انه خلاء غابة وبطون ووديان وشعاب وسهول واوعار واستراح في الكهف ليبدأ حياة الكهوف مناضلاً من اجل امرأته والصغير لتأمين أفضل عيش في مكمن كهف به أركان عدة ركن للطفل وركن لمشغولات الزوجة ومكان بقرب الشرفة لصرف الأقذار والخبائث ومكان للراحة .. إنها أمكنة في جوف كهف معلق .

قالت ألزوجه كيف أكون امرأة وأنا في كهف معلق في الهواء والطفل كيف ينموا ويتعلم الحبو والمشي في كهف معلق ؟
قال الزوج لزوجته أرفعك عن الأرض لأرفع أفكارك وتسمو أبصارك وتتخلي عن بعض ألأعباء لانوبها عنك والطفل ينشأ ليكون من جيل الكهوف المعلقة ويحبوا ويمشي ويصارع الحبل بالصعود والهبوط وفي الكهف نحظى برؤية أشياء أكثر جمالاً من رؤيتها على الأرض وان السلام في أعالي الكهف المعلق وليس سلام القبائل المتحاربة وأقوات يسلبها الطاغوت العثماني ويعبث بأمنها أما في الكهف المعلق نأكل ونشرب ونتعانق ونتداعب وصغيرنا يزدهر بسلام إني أسكنتكم في هذا المقر العلوي ولا نريد أن نهدر الوقت في سنوات العجاف وتخلى الناس عن الناس لينتشروا في البراري .

في صباحات الكهف المعلق تنفض ألزوجه الغبار والمفروشات ليتعقم الكهف بأشعة شروق الشمس والزوج يتأمل ويتفقد ملامس ومناعم ظهور يدي زوجته وبطونها لقد تلاشت النعومة من الكفوف والأنامل من احتكاك حبل الكهف وعصا الرحا ليهبط الزوج بعد هذه النشوة من كهفه منصرفاً يسعى في غالب اوقاتة مبكراً ينظر في اتجاهات ونواحي الوديان والبطون والأرض وخشاشها مروراً بفخاخه المنصوبة لطيور الحجل أو شيهم ويتسمع خبراً سيئاً أو أحسن الأخبار .
يعود الزوج بعد كدح وطول بحث صاعداً لكهفه بأخبار وقوت يومه تستقبله الزوجة بمد يدها له عند عتبة الكهف والغبطة على وجهها وبلغ الزوج ارض الكهف والطفل مربوط في ركنه وفك الأب ربطة قدم صغيرة وحظنة والزوجة تتساءل عن أي شيء جديد وهل يطول بهم المقام في هذا المكان العلوي يا ترى . والأب غارق في عناق ابنة يقبله .
وفي ليالي الكهوف يستتر الكهف تماماً والزوج وزوجته يستلقيا قرب عتبة الكهف المعلق والمنعزل للتفرد بنجم من أنجم السماء الصافية وأصداء الوادي مقترن بغطيط الطفل النائم . وصرخات الذئاب .