الأحد، 6 ديسمبر 2009

وصايا من لهب




الموت قاب قوسين أو أدنى يا أبنائي وعشيرتي ، اليوم هو يوم الأربعاء وإني في موعد مع الموت يوم السبت القادم في ساعات الفجر
نعم تذكروا جيدًا إني أموت بعد أيام قلائل وأمانة في أعناقكم وصيتي هذه فأوصيكم بخراب الصفوف المحترمة والمتماسكة ، كونوا أكَّالين لأموال اليتامى ، واجعلوا ألسنتكم طويلة لإيذاء الناس والجيران ، اقذفوا المحصنات ولا تملَّوا الخمرَ حتى الثمالة ، ومارسوا القمارَ وكونوا على شبع دائمًا فأنها تقرُّبكم من إبليس فيرضى عنكم أيَّما رضى ، وعليكم بكره الممتازين .. أبغضوهم وحاربوهم وشوِّهوا سمعتهم ، واقعدوا لهم في الطرقات ونسج الحكايات عنهم باستماع لرموز الفتنة المنافقين العلماء ، واشربوا وساوسهم ، وإيَّاكم وقراءة الكتب أو أن تمسكوا أقلامًا للكتابة ، إيَّاكم أن تتورَّعوا وتتراجعوا في فرص الخيانة والغمز واللمز وفوائد الرشوة والربا ، وعليكم بسوء الظن في كل شيء ، ولا تتأذوا من أكل لحوم أموات البشر إنها ألذ من لحوم الغزلان ، ولا تتحرَّوا الحلالَ ، وكونوا صيَّادين بارعين في الحرام ، ولا تقربوا الطيبين أبدًا فستقترب منكم السمعة النزيهة ، وتخنس شياطينكم ويغضب إبليسكم ، وإيَّاكم ومساعدة الملهوفين وذوي الحاجة ، ولازموا الخبيثين السيئين وطيِّبوا خواطرهم واضربوا بيد من حديد كلَّ عفيفٍ طاهرٍ ، واكذبوا عليه كثيرًا ، وزيِّفوا حقائق كلامه ، فإنها مرضاة إبليس ، ولا تنفروا من الكلام المالغ ، واثبتوا حبَّكم للحقراء والتيوس بالظرافة والحلم ، وبممازحتهم وكونوا لعاطين لهوثين لهاسين ، وارفعوا من صوت الطبل والبندير إذا رمقتم غنيًّا أو أغنياء ، وتغنَّوا بأفعالهم واستقبلوا إهاناتهم وضرب كفوفهم بالصبر وسعة الصدر ، واستوصوا بهم خيرًا ، وواصلوهم وتتبَّعوا موائدهم وكونوا متواضعين لينين ، واجعلوا ظهوركم مركبًا لأبنائهم الصغار، واحنوا لهم الرقاب وآمركم بتتبع المحترمين واشملوهم بأذاكم وبهتانكم وافتراءاتكم وبقول الزور ، ولا تلقوا عليهم التحيات ، وكونوا بخلاء إشحَّاء مطاعين ، واحذروا السخاء ، ولا تغضضوا أبصاركم صوب الميام السود ، وارفعوا أصواتكم لتخيفوا الضعفاء ، وإياكم أن تترَّقق قلوبكم وتتأثر بأصحاب المصائب والتعاطف معهم فيتذمَّر إبليس ، وإيَّاكم ثم إيَّاكم والإخلاص في صلواتكم ووضوئكم وزكواتكم ، واهتمُّوا اهتمامًا كبيرًا بالرياء فيتعاطف إبليس معكم ، وينظر الناس إليكم نظرة تقدير وإعجاب، وعليكم بالغش في الحكايات ، وتصدَّوا للمخلصين الطيِّبين وأن يتبيَّنوا فيكم الاستياء والملل فأصمُّوا آذانكم وأبصاركم عن الكلم الطيِّب والنصائح الرشيدة ، وكونوا طلقاء اللسان في أكذب الحكايات والقصص القذرة والتعابير المقززة فيشملكم الشيطان برعايته ، ولا تذهبوا إلى الخلاء والأماكن الجميلة فتتهذب أفكاركم وعقولكم ، وتتصافى قلوبكم وتتذرف عيونكم بالدموع وفي اتجاه النسوة ذوات الخواصر العريضة والصدور البارزة أطلقوا عنان البصر لتستمتعوا بهزيز الخصر والصدر واسترقوا أصواتهن لتتلذَّذوا بأنغامهن الناعمات ، وألا تستحوا من القوادة ، وكونوا مثاليِّين في فنون القوادة ، وقدِّموا كل غالٍ ورخيص ، وخير الوصية ألا تستاءوا من حرفة اللعط واللهس واللهث والخساسة ، ولا تتركوا خصلة الفتنة فإنها أفضل من قتل فرد واحد مثل الجندي الماهر يقتل برمية واحدة عشرات الجنود ، وعلِّموا أولادكم رمي الحجر على البيوت المجاورة لإزعاج أهلها ، سفِّهوا خيار الناس منكم ، وامتدحوا الأنذال والمنافقين على الملأ ، اظهروا البكاء والتباكي على الأموات ، ولا تروِّجوا الإشاعات بأصوات أقل من أصوات الحمير ، ولا يصيبكم الكلل في إقلاق المجتمع ، وادفعوا الشيوخ الكبار للتشبُّه بالشباب لتستخفَّ عقولهم ، ولا تصافحوا الأفاضلَ بوجوه مشرقة ، هذِّبوا عيالكم على الانبطاح أمام كبار القوم وأغنيائهم ، ابتسموا لهم واسعدوا وأكرموهم بالذبائح السمان ، وأطعموهم من أفضل وأكبر لحمانها..!
نشرت في موقع الاجدابي