الثلاثاء، 3 نوفمبر 2009

مطلع المساء



خليط من الإحداث في يوم قاتم .
برابص تسوح في سقف المتجر وتتزين فضاءاته بأبنية العناكب . . مدافن بشواهد مزخرفة وجثامين مخبؤه . . امرأة تحرق البخور وتربعت وحيدة بساق ممدودة وأخذت بجزء المتدلي من شالها على الوجه الموشوم وأجهشت و انتحبت ببكاء وتأن ببدن يرتعش بشهيق مؤلم وأفاضت الدموع حتى شبعت .. طوق يضيق ببطء حول أنفاسي .
طائر البوم ينعب ويصرخ خوفا وإجلالا للخرائب . . صمت الأسوار القديمة مرتع مقدس . . لا يفترون من عبادة أصنام حديثة قائمة تحيط بنا من كل الجنبات ومن كل صوب .
تشبث كلب بجسمه المنحسر بدفء فراش معطر . . الموت منه قاب قوسين أو أدنى . ركلته بقدمي ففغر فمه الواسع بعواء صاخب مزعج .
امتثلت إمام جواد اربد زيتوني جميل العرف مسترسل والذيل مطلوق هيئته قوية وصهيله المزغرد وهمهمته المريبة بمنخارين واسعتين . . وابتعد يدور في سلسلته متذمرا من وجودي .
أصبت بخلل في أعماقي كأني احمل الدنيا على راسي في مكان الثور .

الاثنين، 2 نوفمبر 2009

خيمة ظريفة



ما أجمل خيمة الشعر ما اسعد الحوار والكلمة والعائلة المجتمعة والأفراح والاصطياف والاشتياء في الخيمة ما ألطف الليل وقمراه وأنت تبيت في الخيمة ما أمتع الربيع وأنت في الخيمة أيها الإنسان تتعافى وتزيد صحتك كلما ازددت البقاء في الخيمة .. إننا نتحسر كلما سمعنا الغريد لطائر البوم ونعيب الغراب وأصوات الحمام في البرية وشخب الحليب من الحلمة في القداح وثغوا الجداء لاستقبال أمهاتها وإيقاع الطقطقة لنصور حمار يسير ببرذعته حاملاً براميل الماء والحان القرقرة لزواحف البرابص ونداءات الذئب ووشوشة الحجيل لقمم السمراء المحسكة لزروع القمح من نسائم الشمال وللبيت طرائق وأحمال ممدودة تحمل السطح وأروقة عالقة بحواف السطح بأعواد الخلة وتغلق جوانبه شتاء وتفتح صيفاً والبيت يتراقص ويشطح مع الهواء برمام مرنة وجوازل منحنية تمنع الاحبال من الانزلاق وبيت الشتاء مانع للماء وبيت الصيف مانع للشمس والحر وإذا وقع سقف البيت الرطب وأوتاده الخشبية فلا يتأذى ساكنه .

· بعد إخراج الأمتعة وإخلاء كل ما في الخيمة بالتمام تستل الجوابر لطرح الخيمة ثم استلال أعمدة المقادم والخماميس والبدء في فك الرمام المربوطة في المواثق (الأوتاد) والشروع في طي الخيمة وترتيب كل العوالق من حبال وأعمدة ومواثق منزوعة
· ألا تطوى الخيمة وتلفف وهي مبتلة للتخزين فيصاب بالعطب والاهتراء وانبعاث رائحة كريهة
· أن يكون في مكان نظيف وبعيد عن ملاهي الأطفال وتفقده من إصابات القوارض
· استبدال أحدى الاسدية المتلوفة أو ترميم وترقيع مكان إصابة خرق أو تغيير حبال الرمة وحبال العمائر
· وقت البناء يجب أن يتم بطريقة سليمة وصحيحة فقد يبنى بشكل غير مريح فتتلف الخيمة وللمحافظة عليها نختار أمكنة ملائمة ولا يعترض البناء مجاري السيول والرياح المصفقة وبناءها السليم نطرح البيت ودق كل وتد بميول عكسي لجهة الخيمة وتربط فيه الرمام ثم تشد الرمام ليتمكن المساعد من نصب الجوابر مع جذب الرمام وربطها ربطاً محكماً لتستوي الخيمة مع الرمام الأساسية لاستواء البيت وهي رمام المقادم .
· لا ندري متى نسجت أول خيمة واعتدلت لإيواء الإنسان
· تطوى الخيمة خفيفة المحمل لبنائها في أي مكان مناسب بعيدة عن الأراضي الممطورة والاحتماء فيها من حروق الشمس وقوارس البرد
· اتخذت الخيمة اسم بيت الجلاس وهي المناظرة بين رجل وامرأة في صوب خليل وألغازه مع قليل من الشهود لحضور هذه المسرحية .
· بلغت عدد الخيام الآلاف في معتقلات التنكيل والتجويع والمعاناة أيام الاستعمار الايطالي .
· شهدت الخيمة في نصوصات الليالي أصوات نسوة مع حنين دوران الرحا وإلقاء الحفنات في نقرة القرص ليتحول إلي طحين تتجمع ذراته فوق الرقعة .
· تحاط الخيمة بزرائب حائلة وقناة لصرف المياه في مواسم الشاتية وفي الصيف ترفع الاخبية لمداعبة الهواء .
· قبل وجود ساعات الحوائط أو ساعات أخرى أو مذياع لمعرفة الزمن كان المقيم في البيت إن أراد تحديد وقت الفجر وتباشيره ينظر إلي نهاية طرف الشريط الأسود للحمال عند نافذة الكم للبيت فإذا اتضح سواده يعني تبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود وتحديد وقت المغرب تختفي المعالم لجسم ألكربه في رأس عمود الجابر وهذا الاهتمام الزائد في شهر رمضان مخافة الوقوع في الخطأ .
· للخيمة سطح هرمي مطنوب الارمام جميل ولا تشكل أي خطر أو تهديد إذا مالت ولامست الأرض .
· الشراشب أو القزاويل المتدلية من جوانب الشريط الطريقة وألوان الأروقة والسقف دلالة على الأحوال الموسرة وكل هذه الزخارف والأشكال مرهونة ببيوت الصيف مع مرئيات الخلاء وبدائع الطبيعة .
· لتنظيف البيت ترفع الأروقة أو السواتر ونشر المفروشات للتعقيم وذر الأرض بالرماد وألبخ بالماء والكنس بأغصان مقصوفة .
· البيت في اغلب الأحيان مستقبل القبلي جهة الإشراق والنور .

احلام بطيئة






أعيش داخل سياج بعيدا عن الهوالع وعلى وجبة عشاء تبن قليل تخمر لكثرة مدة التخزين . . وفي ليلة من ليالي الحصاد أفتتح باب السياج إهمالا فانسحبت إلي الزرع المجاور لالتهام بعض السنابل المتشبعة بماء الندى لاستعادة النشاط ويتنصع بياضي وتنمو شعرات ذيلي وتتغزر لاستخدمها منشة تذود عنى الحشرات القارصة . . وصلت إلى هناك وهناك أجد نفسي أعانق السنابل في كوامل السعادة استمتع بشميم وقطف سنبلات رطبة تبللت بصقيع الطل أتلذذ بجرش الشعير والأصوات غائبة والقمر ساطع متكامل يبدد أضواءه الجليدية فوق البساط المحسك يحدد امتداده بالطول والعرض . . أتخمني الشبع شممت الأرض ونثرت وارتميت اتمرغ أداعب الضياء في غمرة تحسدني عليها وجوه الحمير قاطبة وكل الوجوه . منسجم في العراء بين الزروع وأنغام الخلوات الهادئة .
سرى الوهن ببدني أخذني النوم العميق الهاني ورأيت في ما يراه النائم ألبس سرج حصان وذيلي جميل يتدلى وينش بكل خيلاء وسط حشود من الخيول على قوارع المضامير للتسابق . . انطلقت وجفلت أبذل أقصى سرعة فتعالت موجات الزغاريد ونلت إعجاب فرس ذات أذرع متناسقة جميلة وعيون قوية واسعة وليست لاسعة والعرف مسترسل والكفل عريض تتمتع برشاقة الغزلان . . رافقت الفرس بدأت أتودد إليها وفي حضور تام أتشمم الفرس ثم خطوت وانتصبت للنهيق على وسع وملء الفم وطول اللسان مقرون بشريط من أحبال الضراط . . فلم أفق إلا ولطشات السياط والركلات في المؤخرة وضربات العيدان المحرشفة والهراوات تتهاوى على قمة رأسي .. ملت بأذني إلى الخلف أستدرت أحاول النيل من أحدهم برفسه انتقامية مشهورة فرفست الهواء . فانهالت على الضربات من جديد ولذعات السياط الملتهبة عقابا لهذه المحاولة الفاشلة .
لا خيار لي إلا الوداعة وسمة الصبر العالقة بالحمير أجبرت على حملهم جميعا والعودة إلى المكان اللائق داخل السياج بجانب رأس كبش كبير أقرن معلق على عمود لحرق العيون العائنة عن أهل البيت . وقفت مكاني مطأطئ الرأس رخو الأذنين .عابس الوجه طحت واسترحت أسترق أنفاس من الأوجاع . هذا جزاء من يحمل الغلال الثقيلة والهموم والعذاب والعناء والنصب والنكال . . سوف أنهق بنهيق منقم لتفترسني الهوالع . . ويا ليت . ولن ؟أرضى بشعير في مخلاة والخاطر مكسور . . ولن ينجبر أبداً.